OrBinah

(En Arabe) Al-Quds Jerusalem: deux approches différentes abstraction faite du politique et de l'idéologique

عن المعرفة والخطابة في باب التدافع

حالة قضية مدينة القدس

 

 

 

تقــــــــــديـــــــم

 

في تقديم لي بمجلة "الملتــــقى" (المدلاوي 2010) لكتاب السموءل ابن عباس المغربي الذي وضعت له لاحقا عناوين خطابية جهادية كثيرة (مثل "بذل المجهود أو السيف الممدود للرد على اليهود ...") والذي نشرت منه طبعات كثيرة رديئة بسبب جهل "محققي" النص باللغة العبرانية وبثقافة "أهل الكتاب" عامة، أشرت إلى أنه، فيما عدا السموءل نفسه وابن كمونة، كان ذلك الجهل مطبقا وعاما حتى في صفوف من ألفوا في باب الملل والنحل (الشهرستاني وابن حزم وابن تيمية).

وإذ التاريخ ظل دائما مزيجا من الأسطورة والوقائع، وفي ما يخص تاريخ اليهودية ببلاد المغرب، فإن هناك من الروايات من هذا المزيج ممّا يرجع حلول الجماعات اليهودية الأولى بهذه البلاد إلى واقعة تخريب الهيكل الأول من طرف نبوخذنصر البابلي وإجلائه لليهود (انظر المدلاوي 1994  والمراجع المحال عليها فيه).

 

ومن نماذج ذلك القبيل المشار إليه من الخليط بين الأسطورة والتاريخ، أسوق هنا مقتطفات من رواية "الهاكًادا" اليهودية في صيغتها الأمازيغية. رواية الهاكًادا هو نص يعود إلى الفترة التلموذية (وقد نصت التوراة على وجوب ترديد موضوعه الذي هو خروج بني إسرائيل من مصر وتشكيلهم لشعب الله المختار بقيادة النبي موسى). وتردد الهاكادا بشكل طقوسي عند اليهود ليلة عيد الفصح، أي "عيد الخروج"، فترجمت من أجل ذلك عبر القرون إلى جميع اللغات التي استعملها يهود الشتات حيثما حلوا، ومن ذلك الصيغة الأمازيغية والعربية الدارجة ... بالمغرب، والألمانية والإنجليزية ... لأن الغاية لم تكن هي ترديد خليط لفظي من العبرية والآرامية لم تعد تفهمه الأجيال.

 

المقتطف الآتي مستل من كتاب سابق (المدلاوي 2012). والغاية من إيراده ليست هي عرض "حقيقة تاريخية"، وإنما هي الإطلاع على بعض ما يؤثث وعي جماعة من الجماعات المنخرطة في تدافع التاريخ الماضي والحيّ الجاري.

تتكون كل فقرة من فقرات المقتطف من ثلاثة أسطر: (أ) النص الأمزيغي مدونا بالحرف العبري كما كان عليه في الوثيقة التي نشرها حاييم الزعفراني وبوليط كًالان بيرني، (ب) مقلوب ذلك الحرف إلى الحرف العربي، (ج) ترجمة النص الأمازيغي إلى اللغة العربية. ما يوضع بين قوسين (...) إشارة إلى مادة تم القفز عليها.

 

المقـــــتــــطـــف:

 

1   שתרולא יש נפע עמאצר؛

/س-ترولا أي-س نفّغ غ-ماصر؛/

"فرارا خرجنا من مصر"

 

2   איידע נוערום אור ימתין דא תשאן לואלדין נע עמאצר

/ايدّغ  ن-وغروم ور يمتـيـنّ دا تّـسان لوالدين نغ غ-ماصر/

"هذا هو الخبز غير المختمر الذي كان يأكله آباؤنا في مصر"

 

3   כולו מא דייאע לאז ידו אד יתש, מא דייאע פאד ידו אד ישו

/كولّو ماد ياغ لاز، يدّو اد يتش؛ ماد ياغ فاد، يدّو اد يسو/

"فليات كل ذي سغِب ويأكل؛ وكل ذي عطش ويشرب"

 

4   אשוגאש דע עתמאזירת דע, ימאל עבית למקדיש

/اسگـُّـاس دّغ، غ-تمازيرت دّغ؛ يمال غ-بايت لماقديس/

"هذه السنة في هذا البلد؛ والسنة المقبلة في بيت المقدس"

(........................................................................)

5   יכדאמן איינגא יפרעה עמאמר, ישופעאע רבי נע דינאע

/يخدّامن اي نگــا ي-فرعو غ-ماصر، يسّوفغ-اغ ربّي نغ دينّاغ/

"مستخدمين كنا لفرعون في مصر، فأخرجنا ربنا من هناك"

 

6   מור אוראנע  ישופע רבי לואלדין נע עמאצר,

/مرا ور-انغ  يسّوفغ  ربّـي  لوالدين  نغ  غ-ماصر،/

"لو لم يخرج لنا ربّنا آباءنا من مصر"

 

7   נשול נכני דישיראן נע יכדאמן אי נגא יפרעה עמאצר

/نسول، نكُّـني د-يسيـرّان نغ، يخدّامن اي نـگــا  ي-فرعو  غ-ماصر/

"لبقينا، نحن وأبناءنا، مستخدمين لفرعون في مصر"

 

8   ואכא נלא לעקל, נלא לפהאמת, ואכא נשן תורת, לאזם גונע אנעאווד עופוע נמאצר

/واخّا نلا لعاقل، نلا لفهامت، واخّا نسّن تّورات، لازم گــونغ ا-نعاود وفوغ ن-ماصر/

"فمهما أوتينا من ملكات العقل والفهم، ومهما كنا متفقهين في التوراة، فنحن ملزمون بأن نروي بالتواتر قصة الخروج من مصر"

 

9   כולו מאדישגודין אדיעאוד עופוע נמאצר תאנית ואדע יתושכר

/كولّو ماد يسگـودين اد يعاود غ-ووفوغ ن-ماصر، تانّيت وادّغ يتّوشكار/

"فكل من أكثر في سرد رواية الخروج من مصر، فاعلم بأنه جدير بالحمد"

(..................................................................................)

10              /س-تزگـوري، نتّعباد لاصنام أي-د گــان لوالدين نغ/

"قديما، كنا نعبد الأصنام التي نصبها آباؤنا"

 

11              /دغي، يسمال-ايغ ربّي ي-لعبادت نس/

"أما الآن فقد هدانا الله إلى عبادته"

 

12              /اينّا ينّا لكتوب؛ ينّا 'يهوشواعيو' اكُّـ  ي-مدّن/

"حسب ما ورد في الكتب، قال يوشع لجميع الناس: "

 

13              /ايدّغ، ينّات ربّي: وا يسرايل، غ-وبوي-ينّ ن-واسيف،/

"هاذا ما قال الله: يا بني إسرائيل، في الضفة الأخرى للنهر،"

 

14              /گـُّـزْدْمْن لزدود نّون ن-دّونيت. طيراح، باباس ن-ابراهام باباس ن-نيحور، عبدن لمعابد ياطنين/

"كان يقيم أجدادكم في هذه الدنيا؛ فطراح، أبو إبراهيم وأبو ناحور كانو يعبدون آلهة أخرى"

(...................................................................................)

15              /فّغ، تسقّسات ماد يضالب لابان اخدّاع اد يسكر ي-ياعقوب باباتنغ:/

"تقـدّم لترى ماذا كان يسعى لابان الخبيث ليفعل بأبينا يعقوب"

 

16              /فرعو ور يبّي يلّا خف يسيرّان؛ لابان يبّي اد ينغ كولّو/

"ذلك أن فرعون لم يقض إلا بـ[إبادة] الصبيان؛ أما لابان فقد قضى بإبادة الجميع"[1]

 

17              /امّ ا-ينّا لكتوب: 'اخدّاع يضيّع باباتنغ، يگــُّـز  ي-ماصر،' /

"وحسب ما قالت الكتب، فقد نكب الخبيث أبانا يعقوب، فهبط مصرا"

 

18              /يزدغ دينّاغ  س-لكوم يدروسن، يلّا دينّاغ س-لكوم اخاتار، يصقا، يگــّودي/

"وأقام هناك في نفر قليل [من ذريته] ثم أصبح له قومٌ عظيم ربا وكثر عددا"

(.................................................................................)

19              /ونّا ور يمتينّ-دّغ، هانّ نكُّـني دا نـتّـسا خف سّيبـّت ور يعطيل اريتو ن-لوالدين نغ اد يخمر،/

"هذا [الخبز] غير المختمر، نأكله نحن إذن بسبب كون عجين آبائنا لم يمهل [حتى يختمر]"

 

20              /الّيگــ يوزن غيفسن ربّي، ملك لماليكين - ربّي سوبحاناهو – يرزم-اسن دغيا،/

"وذلك لمّا بعث إليهم ربنا، مالك المالكين سبحانه ففك أسرهم في عجل."

 

21              /امّ اينّا ينّا لكتوب: سّنوان اريتو دا سّوفغن غ-ماصر اغروم ور يمتينّ؛/

"فقد ورد في الكتب بأنهم أنضجوا العجين الذي خرجوا به من مصر و لمّا يختمر"

22              /هات دحان-تن غ-ماصر، ور غيـن اد عطلن؛ اود لعوين ور-ت گــين/

"إذ تمت مطاردتهم ولم يكن بوسعهم التمهل؛ ثم إنهم لم يصحبوا معهم زادا"

 

 

ملاحظة هامة حول الفقرات المقتطفة من متن الهاگادا في صيغتها الأمازيغية

 

كما أشرت إلى ذلك في عمل سابق (المدلاوي 1999؛ ص: 18-21)، يتميز مطلع متن الصيغة الأمازيغية لمتن الهاگادة بميزات ذات دلالات إثنو-ثقافية ثلاث: أ) الإحالة على المقام الراهن للجماعة في 'هذه السنة'، ب- نوعية تسمية المقام المأمول في 'السنة المقبلة' (الفقرة الرابعة)، ج) إسقاط فقرة برمتها مباشرة بع الفقرة الرابعة بالمقارنة مع النص الأصلي  الآرامي ومع مختلف الترجمات التي نتوفر عليها. فبالنسبة للنقطة الأولى، يقول النص الآرامي الأصلي ما يلي:

/השתא הכא, לשנה הכאה בארעא דישראל/ (هاشاتّا هاخا، لشانا هابّاءا بأرعا ديسرائيل؛ أي: "هذه السنة [نحن] هنا، والسنة القادمة في أرض إسرائيل").

 

وهو نفس ما يرد في الترجمات الإنجليزية للهاگادا هكذا:

"This year we are here ; next year may we be in the Land of Israel" (Glatzer 1981 ; p 24)

 

أما الترجمة الفرنسية فتقول:

"Actuellement, nous sommes ici ; l’an prochainn nous serons sur la terre d’Israël" (Wiesel 1995; p. 24).

 

وتقول الترجمة الإسيانية:

"Este año estamos aqui, el año benediro en la Tierra de Israel" (Comunidad Israelita de Madrid. p. 8).

 

وتقول الترجمة بالعربية الدارجة المغاربية المهودة المدونة بالعبراني:

/האד אסנה אהנא, אסנה אזאיה פי ארץ ישראל/ (هاد سّـنا هنا، سّـنا زّايّـا في أرض يسرائيل): ناشر مجهول (تونس).

 

فبالنظر إلى العناية التوقيفية (canonisation) التي خضع لها متن الهاگادا منذ قرون، ونظرا للرمزيات التي تسندها الثقافة اليهودية لذكر أو عدم ذكر الاسم بلفظه خصوصا حينما يتعلق الأمر بالانسان والأرض،[2] يبقى السؤال هو: لماذا يشير النص الأصلي وبقية الترجمات إلى المقام الراهن للجماعات اليهودية بمجرد ظرف مكان غفل: "هنا" بينما تسميه الترجمة الأمازيغية ليهود دادس /تامازيرت دّغ/ "هذا الموطن/البلد". وترتبط دلالات الصيغة الأمازيغية، في هذه النقطة بالذات، بإسقاط الفقرة الخامسة من النص الأصلي للهاگادا إسقاطا كليا؛ وهو الإسقاط الذي تنبه إليه حاييم الزعفراني لكنه اكتفى بإخراج هامش قصير (الهامش 2، ص: 344) يقول ما ترجمته: "النص الأمازيغي تجاهل الإشارة إلى التحرر من العبودية"، وذلك دون مزيد من التعليق. وهذا الآن ما تقوله الفقرة التي تم إسقاطها من الصيغة الأمازيغية للهاگادا:

 

النص الأصلي بالأرامية للفقرة المُسقطة في النص الأمازيغي:

השתא עבדי, לשנה הבאה בני חורין (Glatzer ؛ ص: 24)

"هذه السنة [نحن] عبيد؛ وفي السنة القادمة [نصبح] أحرارا".

 

الترجمة الإنجليزية لنفس الفقرة المسقطة (Glatzer ؛ ص: 25):

"This year we are slaves ; next year, may we be free men"

 

الترجمة الفرنسية للفقرة المسقطة (Wiesel 1995; p. 24):

"Actuellement nous sommes esclaves, l’an prochain nous serons libres"

 

الترجمة الإسبانية للفقرة المسقطة (Comunidad Israelita de Madrid. p. 8.):

"Este año somos siervos, el año proximo seremos libres"

 

الترجمة بالعربية الدارجة المغاربية المهودة المدونة بالعبراني للفقرة المسقطة:

האד אסנה חנא כדאם، לסנה אזאיה פי ארץ ישראל אולאד אחראר

(هاد سّنا حنا خْــدّام؛ لـسّـنا زّايّـا، في أرض يسرائيل، ولاد حرار).

 

هذه الخصائص المميزة للصغية الأمازيغية لمتن الهاگادا، إضافة إلى خصائص أخرى يتعين الوقوف عندها في كل دراسة تحليلية مقارنة لتلك الصيغة بالصيغة الأصلية. فذلك الإسقاط مرتبط لا محالة بكل الحمولات المخيالية التي طورتها ثقافة الجماعات اليهودية المغربية خصوصا عبر القرون حول المكان والزمان والتاريخ (انظر المقال (3) بالقسم الثاني من هذا الكتاب؛ وكذلك المدلاوي 1999؛ و Laredo 1954).

--------------------

مراجع

المدلاوي محمد (1994/1997/2004-ج) "صورة المغرب في بعض المكتوبات اليهودية والعبرانية" مجلة مواســـم (طنجة- المغرب 1994)؛ عدد 4؛ ص: 23-34. أعيد نشره في شهرية  شؤون مغربية (المدير: محمد العربي المساري)؛ عدد 15/ 1997؛ ص: 17-28. ثم أعيد نشره موسعا في: ص: 61-96 من أعمال ندوة الدراسات الشرقية: واقع وآفاق. منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية. سلسلة ندوات ومناظرات. رقم 111. 2004.

المدلاوي، محمد (2010) "عن كتاب 'بذل المجهود في إفحام اليهود' للسموءل بن يحيى بن عباس المغربي". مجلة المـــــلتـــقى. ع:22-23، صيف 2010. ص: 164-185.

المدلاوي، محمد (2012) رفع الحجاب عن مغمور الثقافة والآداب؛ مع صياغة لعروضي الأمازيغية والملحون. منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي- الرباط. (جائزة المغرب للكتاب 2012؛ صنف الدراسات اللغوية والأدبية)

-----------------------------

 

محمد المدلاوي

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

 

 

[1]    حسب ما ورد في العهد القديم، لابان هو ملك أشوري أشد نكالا وفتكا من فرعون. وقد ألحت الأدبيات التوراتية والهاگادية على في كثير من الأماكن على فكرة استراتيجية مفادها أن "مرجل الخطر" على بني إسرائيل إنما هو في الشمال؛ أما مصر فأمرها هين، وهي لا تصلح على كل حال أن يعتمد عليها، حتى إنه شُبه من اعتمد عليها بمن اتخذ من قصب النيل عكازا: سينكسر في كفه ويدميها. فقد قال النبي ياشاعيا-36: 6 مخاطبا ملكَ مملكة يهودا ما يلي: {فها أنت قد اتكلت على سند مصر، هذا العُكاز القصبي المكسور الذي يُـدمي يدَ من اعتمد عليه؛ ذلك حال الفرعون، ملك مصر، بالنسبة لكل من يعتمد عليه}. وفي هذا تذكير بما كان قد ورد في سفر الملوك الثاني-18: 19-21 لما حاصرت جنود سنحريب الأشوري القادمة من الشمال مدينة أورشليم. فقد قال قائد جيوش سنحريب لبني إسرائيل (قولو لملككم أزاخياس: هاذا ما يقوله لك الملك العظيم، ملك أشور: {من أين لك هذه الثقة المفرطة في النفس؟ لقد قلت، وهو مجرد كلام فارغ، بأن لديك ما يلزم للحرب من رأي ومن قوة. والآن في من وضعت ثقتك لتتجاسر علىّ؟ لقد وضعت ثقتك في ذلك العكاز القصبي المكسور الذي هو مصر والذي إذا ما اعتمد عليه امرؤ ينغرز لا محالة في راحة يده فيدميها؛ ذلك هو الفرعون، ملك مصر، بالنسبة لكل من يضعون ثقتهم فيه}.

 ----------------------------------------------

 

 

[2]     من أشد أدعية الشر في الثقافة اليهودية دعاء /ימח שמו/ "محا الله اسمه". ومن باب ذلك ما أصبح تقليدا مجمعاعليه من منع ذكر أشهر المرتدين من الربيين اليهود القدامى، إلياس بن أبويا (Elisée Ben Avouyah)  بلفظ اسمه في الأدبيات الربية، والإشارة إليه على سبيل التنكير بمجرد /אחר/ أي "الآخر" وبذلك عرف واشتهر في تلك الأدبيات (أنظر Elmedlaoui 2008-b ; p. 41).



09/12/2017
2 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres