OrBinah

(EN ARABE) Langue d'enseignement: A. Laroui dope la pensée pré-moderne au Maroc

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre de menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE puis sur CODAGE, puis sur (PLUS, puis surARABE(Window

لغــــات التــدريس

(1)  مرافعة الاستاذ العروي تضخ دم التشبيب

في فكر ما-قبل-الحداثة بالمغرب

 (انظر صيغة موسعة بالفرنسية هنــا)

 كان المغاربة قد توافقوا قبل أكثر من عشر سنوات على وثيقة تأسيسية هي "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" التي تنص مادتها 61 على أن من بين مرامي التعليم الأولي والابتدائي ["إكسابَ المعارف والمهارات الـتي تمكّن من إدراك اللغة العـربية والتـعبير، مع الاستئناس في البداية  إن اقتضى الأمر ذلك - باللغات واللهجات المحلية"]، وذلك من أجل ["ضمان  أقصى حد من تكافؤ الفرص لجميع الأطفال المغاربة منذ سن مبكرة، للنجاح في مسارهم الدراسي وبعد ذلك في الحياة المهنية"]. كما صوّت المغاربة سنة 2011 على دستور يقر العربية والأمازيغية لغتين رسميتين للمملكة، وينص على تعددية أبعاد وروافد هوية الثقافة المغربية الموحدة وعلى أن الدولة تسهر على [صيانة الحسانية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية الموحدة وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية]، كما ينص على إصدار مجموعة من القوانين التنظيمية ذات صلة بكل ذلك ( كيفيات وخطوات تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، "المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"، "المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية")؛ وهي قوانين كان إصدارها قد أدرج كمهام ضمن التزامات التصريح الحكومي السابق (2012). وهي بالطبع قوانين تنظيمية متكاملة من حيث وثوق صلتها بالمنظومة التربوية القائمة، التي كانت محط تشخيص نقدي في الخطاب الملكي لذكرى 20 غشت 2013 في ما يتعلق منها على الخصوص بأبعاد مدى تلاؤم مناهجها وبرامجها، المفارِقة للواقع والمتقلبة بتقلب السياسات الحكومية، مع الإدماج السوسيو-اقتصادي للنشء؛ [ذلك أنه من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة علما أنها لن تستطيع تنفيذ مخططها بأكمله، نظرا لقصر مدة انتدابها. لذا، فإنه لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض، ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية] كما ورد في ذلك الخطاب. وإذ نشطت حينئذ التعاليق كما هي العادة، من كل حدب وصوب، لتسجل بحماس جوهرية وصواب ما ورد في ذلك الخطاب، مع إيراد مقتطفات منتقاة منه ومع تعليقات عليها تصب في أغلب الأحيان في تحميل المسؤوليات لطرف معلوم أو لطرف مجهول الاسم، فقد انتهى الأمر عند ذلك الحد، إلى أن رمت مؤسسة نور الدين عيوش بحجر في بركة راكدة آسنة، وذلك لما أصدرت مذكرة حول إشكالية بيداغوجيا التواصل اللغوي في المراحل الأولى للتعليم. وإذ لم تجد تلك المذكرة في فضاء الرأي العام أي مبادرات أخرى صادرة عن مختلف الأطراف السياسية والمؤسسية على شكل مقترحات عملية منطلقة من سابق دراسات خبرة في أبواب وظائف كل عناصر التعدد اللغوي الذي يطبع المجتمع المغربي، وذلك من أجل صياغة تصور أمثل لترشيد البرامج وضمان التواصل البيداغوجي بوسائله اللغوية الملائمة لكل مرحلة ولكل باب من أبواب المعرفة والتكوين، فقد استقطبت تلك المذكرة حول نفسها جُماع مكونات النقاش العمومي الذي تمحور حولها واتخذ طابع ردود أفعال جمعية بدل أن يتمحور انطلاقا من  سابق دراسات، وعبر إسهامات مؤسسية، حول جوهر إشكال نظام التعليم بأدواته ومضامينه القائمة، الذي أجمع الكل على ترديها الكارثي.

في هذا الباب، تشكل مرافعة الأستاذ عبد الله العروي ضد مذكرة نور الدين عيوش ("الأحداث المغربية": 20-25 نوفمبر 2013؛ النص الكامل على الخط، ICI) نموذجا لأسلوب "رد الفعل الجمعي" الذي يطبع نمط فكر "مجتمعات ما قبل الحداثة". ويتميز هذا النمط الفكري بتضافر ثلاثة خصائص: خاصيتان سوسيو-ثقافيتان وهما (أ) مجموعية التفكير وجماهيريته و(ب) ما يترتب عن ذلك من حاجة الجمهور إلى "الشيخ" أو "المعلم الأول"، على غرار حاجة تلك المجتمعات إلى "الزعيم" في باب السياسة؛ أما الخاصية الثالثة فهي فلسفية مفاهيمية، وتتمثل في (ج) الإطلاقية والثنائية المانوية في تصور المفاهيم وإدراك الإشكاليات. فكما أن روح الاسترقاق إذا ما تمكنت من المملوك تجعله يشفق من أي عتق يستلزم على التو ثقل المسؤوولية وعبء التكفل بالذات، فإن مجتمعات جماهيرية  التفكير تحتاج دائما إلى "شيخ" أو "معلم أول" منزه عن العبث والخطإ يكون لها منقذا ناطقا باسمها في ما يعرض لها من مشكلات، ولو عن طريق تحييد تلك المشكلات وتنحيتها جانبا بمجارف الآلة الخطابية بدل مواجتها كواقع وبذل المجهود العقلي لإيجاد حلول لها.

[صوتُه أتى يوم الحديث الأول معه عن الموضوع حاسما ولا يقبل أي نقاش]؛ هذا ما قدم به الصحفي، في انبهار وارتياح، الحلقات الخمس لحديثه مع الأستاذ العروي. هذا الحديث المسهب (تسع صفحات جريدة) يتلخص في مع ذلك في النقط الآتية: (1) الإشكالية التقنية لحرف وإملائية كتابة العربية المغربية المسماة بـ"الدارجة"، والكلفة الزمنية والاقتصادية اللازمة لإعداد الدارجة للقيام بأي وظيفة تربوية، (2) ما ينذر به، حسب رأيه، إسنادُ وظيفة تربوية معينة لذلك السجل اللغوي من: (أ) تحويلٍ للثقافة المغربية إلى ثقافة شفهية فولكلورية منغلقة على نفسها (ثقافة "سيدي عبد الرحمان المجدوب")، (ب) ومن قطيعةٍ مع المخزون التاريخي القديم للغة العربية خصوصا في باب الآداب (ألف ليلة وليلة، البخلاء، كليلة ودمنة، المقامات، الخ.)، ذلك المخزون الذي يمثل، حسب الأستاذ العروي، المنطلق الوحيد لانخراط المغرب في نادي الفكر والآداب الكونية والعالمية (جائزة نوبل مثلا) بدل أن يصبح بعد عقود في حجم دولة مثل هولندا التي خرجت من التاريخ، في رأيه، بخروجها من حضن ثقافة الإمبراطورية الإسبانية.

أما عن أسلوب المرافعة فيغلب عليه تضافر العناصر الخطابية ومن بينها: (1) التلويح بالفزّاعات التقليدية ("التدريس بالدارجة يروم تقويض الوحدة الوطنية"، "الشعوبية الجديدة"، الخ)، (2) اللجوء إلى التصويرات البلاغية كأدوات للبرهنة والإقناع (قياس الزعم بعدم إمكان أي تعايش تكاملي بين سجلـّي العربية في المنظومة التربية على حكاية الشنآن الدائم الذي يحصل بين الأم وابنتها بعد استقلالها بمقتضى الزواج). أما نصيب البرهنة في المرافعة فيتراوح بين ما يلي: (أ) اعتماد الحيلة المعروفة في أساليب المغالطة والجدل بحيلة "التوسيع" والتي صاغها شوبنهاور في رسالته "كيف تجعل الصواب دائما معك" كما يلي: [وسّع أطروحة الخصم إلى خارج حدودها الطبيعية وأول بالتعميم معناها وبالغ في ذلك إلى أقصى حد ممكن]، (ب) التلويح بالكلفة الزمنية والمالية لأي مسعى لمأسسة أي دور وظيفي لسجل العربية المغربية في المنظومة التربوية، والزعم بأن باب البدايات والمبادرات التاريخية للأمم قد أغلق كما أغلق باب الرسالات. ففي باب "توسيع أطروحة الخصم"، تتحدث المرافعة ضد مذكرة عيوش تارة عن الدعوة إلى "التدريس بالدارجة" وتارة عن "تدريس الدارجة وكتابتها" وتارة عن الدعوة إلى "التخلي عن العربية والقطيعة مع موروثها" وشفهنة الثقافة المغربية، الخ. فهذا "التوسيع" الجدالي هو الذي مكن صاحب المرافعة بعد ذلك من أن يعلن نفسه، باسم الجيل والجماعة ليس كمناهض لأي دور تربوي للدارجة بما أنه مضطرب في ذلك، ولكن كمدافع عما أسماه "اللغة المُعربة"، التي هي غير "العربية الفصحى" في زعمه حيث لا يتوسمها، بالمناسبة، في النص القرآني، وإنما يحصرها في كتاب واحد هو "مقامات الحريري". ففي ثنايا التلويح بكل الفزاعات المذكورة، التي هي مربط الفرس في المرافعة، تتمخض تلك المرافعة بخصوص جوهر الموضوع (أي الوظيفة التربوية للدارجة) عن "فأر يولد مرتين" ومن رحمين، أي عن موافقة الأستاذ العروي على ما أسماه بـ"الحد الأدني" لـ"ضمان حدوث التواصل"، وذلك إذ يقول: ["وهذا الحد موجود ومتحقق؛ وحتى إذا لم يكن موجودا فعلينا أن نعمل على إيجاده وتحقيقه على أرض الواقع"] ("الأحداث المغربية"، 22 نوفمبر 2013، ص:11). وحينما يسأله الصحفي المحاور في استغراب بالرغم من اقتناعه المبدئي بعصمة وتنزه كلام مستضافه عن العبث، ورغم معرفته بأن صوته في الأمر "حاسم ولا يقبل أي نقاش" قائلا مثلا: [وبالتالي، أين يكمن المشكل؟ ولماذا خرجتم من مقبعكم لمعارضة الدعوة إلى اعتماد الدارجة المغربية لغة للتدريس؟]، حينذاك يقفز الضيف قفزات مجانية غريبة في باب تماسك استدلال الخطاب البرهاني، منطلقا، في لهجة المعلم المعصوم من عبارات مثل: ["يظهر أنك لم تستوعب ما قلتُـه منذ البداية"]، أو ["يظهر أنك لم تسايرني في ما ذهبت إليه منذ انطلاق الحوار. لغتك تظهر أنك يا سيدي لم تستوعب أنني أتفق معك مائة في المائة. ولكن عليك أن تستشرف النتيجة من هذه اللحظة، لأن وضعك سيكون في جميع الأحوال كوضع هولندا التي استقلت بلغتها عن اسبانيا واللغة الإسبانية؛ من سيهتم بك وبلغتك المغربية في دنيا اللغات؟"]، ليخلص في النهاية في كل مرة إلى أن مأسسة أي دور تربوي لسجل العربية المغربية في المدرسة معناه العزلة والانقطاع عن التاريخ والعالم.

وعلى كل ذلك ومن أجل مباركته، صفق الفكر الجمعي المغربي قاطبة على أعمدة الصحف وجدران المواقع الاجتماعية، وارتاح الجميع إلى المفعول السحري لتميمة تحـْـيـيـد جوهر المشكل. لقد صفق ذلك الفكر الجمعي في الحقيقة عالى صورته في المرآة من خلال صورة ذلك الضيف الذي لا يزيد، بصفة ظيفته الاجتماعية كـ"معلم أول" رغم أنفه، على أنه يعكس جزع وشكوك وحيرة وانفصام واضطراب وهروبية ذلك الفكر الجمعي من حيقيقة أمره، ويضفي علي كل ذلك بجدل الخطابة طابعَ الثقة واليقين والاطمئنان. و لذلك، فلما تم الإعلان مرة أخرى وعلى نطاق واسع عن "المواجهة" بين الأستاذ العروي والسيد نور الدين عيوش على القناة الثانية (مساء 27 نوفمبر 2013)، ترقب الجميع الحدث (مليون و200 ألف مشاهد)، ليس من أجل أن يعرف المزيد عن جوهر المشكل، الذي لا يسره أصلا طرحُه ومواجهةُ وجهه المقلق، ولكن لمجرد غاية أن "يعطي العروي طـْـريحة لـْـعيّوش". ولما لم يحصل ذلك، تأسف الجميع على "تفاوت المستوى" وندم بعد حين حتى على مبدإ قبول الأستاذ مقابلة "مهرج"؛ بل إن بعض مستعملي لغة موليير قد قدم تغطية بتلك اللغة لأصحابها يدعي فيها أن «Laroui a donné une leçon magistrale à Ayouch: mort directe d'un projet superflu» وهو مقال سجل في موقعه رقما قياسيا من غمزات "لايك" على زرّ الفيسبوك.

 

خـلاصــة في باب تشبيب الفكر الماضوي

 

ومما له دلالة جوهرية في باب تماسك مرافعة الأستاذ العروي، صاحب الدعوة إلى اطـّراح الايديولوجية وإلى ضرورة الوعي العقلي لا الوجداني فقط بموضوعية القطيعة المعرفية مع التراث، وبالمهنية والتخصص في تناول المواضيع، أن الأستاذ العروي لا ينتبه إلى الجنوح العام لدى المفكرين المغاربة نحو محاولة "تشبيب الفكر الماضوي"، في نوع من الازدواجية ومن حيث لا يشعرون، إلا حينما يقرأ ما يكتبه غيره من المفكرين. فهاهو ما قال مثلا عن المفكر طه عبد الرحمن.

 

[["يتحسر المرء وهو يقرأ كتاب طه عبد الرحمان حول تجديد تقييم التراث، إذ يتحقّق أن مر السنين لا يزيد المثقفين العرب إلا تقهقرا رغم ما يطالعونه من مؤلفات أجنبية وما يتلقفون من أفكار ينعتونها بالمستوردة. لا يزيدهم الاطلاع إلا انكفاء وانغلاقا. (...) فعندما كتبت "الإيدولوجيا العربية المعاصرة" تصورت أننا بعد نقد الفكر الأدلوجي سندخل ميدان الموضوعية. فيُعنى كل مفكر أو كاتب بجذور أدواته المعرفية ويستعملها بأمانة وصدق وتواضع ليصف ما يواجه من الطبيعة والمجتمع والإنسان في حدود ما يجيزه له المكان والزمان والوضع الاجتماعي والنفسي. فيمكن الانعتاق من بداهة التراث، هذا ما أسميته بالقطيعة. فقيل [الجابري؟؟]: القطيعة غير ممكنة (مع أنها حاصلة بسبب الاستعمار)؛ وأن معاكسة الوعي بها هو شرط الانغماس مجددا في لب التراث...الواقع أن القطيعة الحاصلة، والتي كنت أدعو فقط إلى الاعتراف بها والانطلاق منها، ظلت للأسف، على مستوى الفكر والوجدان، ولم تكرس كخطة لتجديد المجتمع واستئناف التاريخ، فعمّت الازدواجية وتعمقت وعلى إثرها تقرر التردد والعجز تمهيدا لقطيعة مضادة.]]. خواطر الصباح، الجزء الثالث، ص: 222-225.

 ------

نحو نصّ آخر قصير ومكمل، هــــنـــــــا

--------------------------------------------

محمد المدلاوي (لسانيّ: لغات سامية وأمازيغية)

المعهد الجامعي للبحث العلمي - الرباط

https://orbinah.blog4ever.com/m-elmedlaoui-publications-academiques

 



27/11/2013
4 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres