OrBinah

(EN ARABE) Algérie-USA: deux fois un mariage de raison

Si la graphie arabe ne s'affiche pas correctement, aller dans la barre dع menu en haut de la page, cliquer sur le bouton AFFICHAGE, puis sur CODAGE, puis sur PLUS, puis sur ARABE(Windows).

الجزائر – أمريكا

أو

"زواجُ العقل" مرتين

تميزت نهاية الأسبوع الثاني من أبريل الجاري (2013) بإعلان الخارجية الأمريكية عزمها على تقديم مسودة قرار إلى مجلس الأمن تتضمن فقرة حول توسيع صلاحيات بعثة المينورسو ("بعثة الأمم المتحدة من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية") لتشمل مراقبة "حقوق الإنسان" ورفع تقارير حولها. لهذه المبادرة الجيوسياسية الصادرة عن دولة عظمى  ثلاثة أوجه من حيث طابعها ودلالاتها.

فهناك الوجه الذي يهم فقهاء القانون الدولي من حيث إن البعثة المعنية بعثة عسكرية أممية أحدثت سنة 1991 قصد مراقبة قوات الطرفين في الميدان بعد وقف إطلاق النار، وذلك تمهيدا لإجراء استفتاء حول الوضع النهائي كما كان ذلك مطروحا على الطاولة قبل اتضاح عدم إمكانية تطبيقه بسبب عدم الاتفاق على إحصاء السكان المعنيين. فإلى أي حد يمكن مثلا لمختلف تجريدات القبعات الزرق المكلفة لحفظ السلام بين الاطراف المتواجهة في مختلف بقع التوتر في العالم (تيمور الشرقية، لبنان، الكونغو الديموقراطية) أن تسند إليها مهام سياسية من قبيل مراقبتها لتلك الأطراف المتنازعة في باب احترام "حقوق الإنسان" داخل ترابية كل منها بعد وقف إطلاق النار، بدل أن يكون ذلك من اختصاص لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في كل مكان، وكيفما كانت النظم السياسية ووضعيات السلم أو الحرب؟

أما الوجه الثاني فهو وجه جيو-سياسي يتعلق بتطور فلسفة السياسة الخارجية العامة للولايات المتحدة. وأما الوجه الثالث فهو النظير الجيو-سياسي المغربي في سياسته الخارجية سواء فيما يتعلق بسياسته التعاونية العامة اقتصاديا وعسكريا وثقافيا، أم في ما يتعلق بمدى ربط تلك السياسة بملف سيادته ووحدته الترابية على ضوء سياسات مختلف القوى الفاعلة على الساحة الدولية.

فبالنسبة للوجه المتعلق بجيو-سياسة أمريكا عامة، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، ثم الحرب الباردة، يكون من نافلة القول التذكير بشعار "الواقعية السياسية" (Realpolitik) الذي كان قد بدأ يتشكل منذ عهد ريتشارد نيكسون، عبر سياسة هنري كيسينغر بالضبط تجاه المعسكر الشرقي عامة، والصين على وجه الخصوص، والذي يستند، بالرغم من أصوله الألمانية كمفهوم، إلى الفلسفة البراغماتية النفعية الأمريكية. ومفاد ذلك الشعار هو تدبير شؤون الدولة في علاقتها ببقية الدول بأسلوب عملي براغماتي باعتبار المصالح الملموسة، وليس بناء على مذاهب سياسية أو قناعات أخلاقية إطلاقية. ولقد صيغ ذلك الشعار ببساطة في عبارة "لأمريكا مصالح دائمة، لكن ليس لها أصدقاء دائمون"، وهو ما يفيد كذلك، بحكم نفس المنطق، أن ليس لها "أعداء دائمون".

وفي ما يتعلق بشمال إفريقيا على الخصوص، وبعيدا عن البلاغيات المناسباتية حول الروابط التاريخية بين الولايات المتحدة وأول دولة تعترف باستقلالها عن بريطانيا العظمي، أي المغرب، وبعيدا كذلك عن خطابيات القيم الأيديولوجية والسياسية المشتركة في إطار "العالم الحر" (وأواخر ترجماتها هي اصطفاف المغرب تقليديا إلى جانب السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط ثم في محاربة الإرهاب)، بعيدا عن كل تلك الأدبيات، تجدر الإشارة إلى أنه في أوج ما كان يعرف بالحرب الباردة، وفي أوج احتدام الصراع الإقليمي حول الصحراء في منتصف السبعينات من القرن الماضي، كانت الصحافة الدولية تتحدث عن "زواج للعقلاء" (mariage de raison) بين الولايات المتحدة والجزائر. لقد كان ذلك حينئذ من خلال صفقة القرن حينئذ (غاز مركب أرزيو بالضبط وما تبعه من صفقات)؛ وهو الزواج الذي اتجهت بمقتضاه الولايات المتحدة إلى دولة الجزائر "الاشتراكية" للتزود بالطاقة، بينما ارتبطت من خلاله جزائر "نصرة الشعوب" بزعيمة "الأمبريالية العالمية" للتزود بالعملة الصعبة ولنقل التيكنولوجيا، وذلك في نفس الوقت الذي كانت فيه تلك الجزائر، جزائر الراحل هواري بومدين، تستعرض مختلف أصناف العتاد العسكري السوفياتي في كل يوم الفاتح من نوفمبر، وتدشن توزيع "القرى الاشتراكية" على الفلاحين بعد تأميم الأراضي عن طريق "تبرع" مالكيها بها لصالح دولة الحزب الوحيد المتداخل هيكليا مع العسكر منذ انقلاب بوميدن.

أما في ما يتعلق بالموقف الملموس لأمريكا من قضية الصحراء بالضبط، على ضوء تلك السياسة العامة، فإنها تمثلت، إلى حدود صدور مبادرتها الأخيرة، في تهميش منهجي للمسألة (المرتبة في الرتبة 6 من أولوياتها)، والحفاظ على حالة الوضع القائم (statut quo)، وذلك من أجل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في السوق الجزائرية، دون "إغضاب" كبير للمغرب، كبوابة على إفريقيا والمشرق، في اصطفافه التقليدي إلى جانبها في الملفات الإقليمية الكبرى وفي انفتاحه الجديد منذ عقود على ثقافتها من خلال لجنة ماسيـسي (MACECE).

أما اليوم، فتتحدث نفس الصحافة العالمية من جديد، ومن ضمنها الصحافة الجزائرية، عن تجديد وتحيين زواج للعقلاء بين نفس القرينين، أمريكا والجزائر؛ ولكن هذه المرة على شكل شراكة جيو-استراتيجية مناسبة لمعطيات الوضع الراهن من وجهة مصلحتي الشريكين؛ وهي شراكة يعطيها اليوم كل طرف منهما مضمونا خاصا به، في انتظار تبلور أرضية مشتركة للتلاقي (انظر مثلا http://www.maliweb.net/news/politique/2012/10/04/article,96335.html). لقد بدأت بوادر تلك الشراكة تتبلور بعد التطورات التي حصلت في مالي مؤخرا على وجه الخصوص (استيلاء الحركات الإسلامية على الشمال، هجومها على مركب عين أميناس، التدخل العسكري الفرنسي وقتل بعض زعماء تلك الحركات). فالتدخل العسكري الفرنسي الأخير في مالي، والموقف المغربي من ذلك التدخل، وكذلك التحركات الديبلوماسية الأخيرة لفرنسا في المنطقة وفي المغرب على الأخص، أمور لم تنظر إليهما أمريكا من مجرد منظار حصائلها في محاربة الإرهاب، باعتبار تلك المحاربة مزية مطلقة مشتركة من أي طرف كانت وبأي طرقية تمت؛ إذ الذي يعني أمريكا من تلك المزية، شأنها في ذلك شأن بقية الأطراف المنخرطة في الحرب على الإرهاب بشكل فاعل، لا منفعل، إنما هو الكيفية التي سينعكس بها تحقيق تلك المزية في أرض الواقع على المصالح الأمركية الملموسة في المنطقة، في إطار إعادة توزيع النفوذ الإقليمي. وكل هذا يذكر بالموقف الأمريكي خلال الخمسينات من القرن العشرين تجاه قضايا تصفيه الاستعمار الفرنسي في جنوب شرق آسيا وفي إفريقيا على الخصوص، ويتكامل معه؛ إذ ما أن أخلت فرنسا الهند الصينية مثلا في منتصف الخمسينات حتى حلت أمريكا محلها.من خلال حرب الفيتنام؛ وهو الشئء الذي أدى إلى تبلور السياسية الديغولية تجهاه حلف شمال الأطلسي.

وأما الوجه الثالث والأخير لدلالات المبادرة الديبلوماسية الأمريكية الأخيرة، والمتعلق بالفلسفة العامة للمغرب في سياسته الخارجية (اقتصاديا، وعسكريا، وثقافيا) في ارتباطها بملفاته الحيوية بالضبط، فهو وجه التساؤل عن مدى إدراج المغرب لتلك السياسة تجاه مختلف القوى الدولية العظمي والإقليمية، البعيدة منها والقريبة، في إطار تشخيص عقلاني هادئ  لمصالحه الحقيقية الممكنة، وللمصالح الفعلية لكل واحدة من تلك القوى الدولية، ليستجلي من خلال تقاطع كل ذلك ما تـتيحه له إمكانياته الذاتية الواقعية من جهة، وتعارض أو تناقض المصالح الأممية من جهة ثانية، من أسباب وإمكانيات رعاية وتحقيق مصالحه الملموسة التي تحدد وحدها في كل حالة تعاملاته وتحالفاته؛ وذلك بدل أن يدرج المغرب سياسته الإقليمية والدولية، في كل مرحلة، في مجرد إطار ما توحي به الشعارات الأيديولوجية الظرفية المشاعة (اشتراكية / ليبيرالية، شرق / غرب، جهاد / محاربة الإرهاب)، ليفاجأ كل مرة بغلبة صلابة المصالح الملموسة للأمم على هوائية الشعارات المشاعة. وفي هذا الباب بالضبط، وفي ما يتعلق من تلك السياسة بمسألة الوحدة التربية على الأخص، التي تترابط ترابطا عضويا وجدليا بمسيرة التطور الديموقراطي والحقوقي الوطني فكريا وأخلاقيا وسياسيا، كما كنت قد بينت أوجه ذلك الترابط في مقال سابق سنة 2010، كنت قلت في نفس المقال بشأن الجانب الديبلوماسي للقضية ما يلي:

((أما في ما يتعلق بالآفاق العامة لتدبير الملف [أي، ملف الوحدة الترابية] على الصعيد الديبلوماسي، فإن أهم ما يبدو لي جوهريا في هذه المرحلة هو الحرص على عدم سلوك المسلك السهل، كما حصل ذلك في فترة أواخر الحرب الباردة، حين تم تضخيم حجم الرهان على مفعول إدارج ذلك الملف في إطار لعبة الأمم المتقاطبة بين المعسكرين الشرقي والغربي. صحيح أن أوجها أخرى جديدة للعبة الأمم قد ظهرت وامتدت ظلالها لتخيم بكثافة على المنطقة، وأعني بذلك أوجه الإرهاب ومحاربة الإرهاب خاصة، وكذلك الهجرة، والتهريب، والمخدرات. إلا أن قيام المغرب بدوره الذي تفرضه عليه جغرافية متطلباته الأمنية في هذا الباب، يجب ألا يؤدي إلى طرح اختزالي وتعويمي جديد لجوهرَ ملفٍ لا يعني في قرارته إلا المغرب، أي أنه يتعين عدم الاستسلام لأي سياسة توظف ذلك الملف من جديد كمجرد ورقة للسُخرة الجيوسياسية في نادي الأمم باسم محاربة الإرهاب مثلا، ورقة سرعان ما تفقد قوتَها التبادلية بتبدل الظروف، كما حصل لنفس القبيل من السخرة بعد اختفاء الحرب الباردة)). (1)

ويصدق مثل هذا التـنـبيه بالخصوص على الحالة التي يتم فيها مثل ذلك التوظيف في لعبة الأمم – التي لا يمكن تجاهلها كلية كوجه من أوجه السياسة بل يتعين التعامل المرن معها بذكاء – من منطلق النظر إلى تلك اللعبة من منظار وحيد البعد والاتجاه، يصنَّـف من خلاله المتعاملون الأمميون سلفا وبشكل مطلق ونهائي، كأصدقاء أو كخصوم أو أعداء، بناء على قناعات مسبقة قطعية ونهائية بناء على اعتبار أبعاد مذهبية، أيديولوجية، أو إثنو-ثقافية، أو ما شاكل ذلك.

وفي هذا الباب، يمكن التذكير بما كان يسمى في الصحافة الرسمية المغربية خلال فترة الستينات بـ"فلسفة المغرب الخاصة" في ظل الحرب الباردة من جهة، والتوتر الخفي بين السياستين الديغولية والأمريكية من جهة ثانية؛ وهي فلسفسة كانت شبيهة، مع وجود فارق الظرفية والفرقاء، بالسياسة التركية في السنوات الأخيرة تجاه كل من أوروبا الغربية، وأمريكا، وإسرائيل، وروسيا، وإيران . ففي أوج الحصار الأمريكي على كوبا بعد فشل الإنزال البحري الأمريكي في "خليج الخنازير" بكوبا سنة 1961، وبالرغم من ديبلوماسية الزبدة والدقيق الأمركيين لفترة تصفية الاستعمار الأوروبي بإفريقيا ("هدية من الشعب الأمريكي؛ لا يباع ولا يشترى")، وفي أحلك أحد سنوات الجفاف بالمغرب في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، لم يتردد المغرب في إبرام اتفاقية اقتصادية مع كوبا لمبادلة الفوسفاط المغربي الذي تحتاج إليه مزارع كوبا بالسكر الكوبي الذي تتوقف عليه التغدية المغربية حينئذ.

القسم المكمل عبر الرابط الآتي:

https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-9873947-_en_arabe__2_algerie_usa__deux_fois_un_mariage_de_.html

-------------------------------------

 (1) مقتطف من مقال كان قد نشر في صيغته الأولى في يوميتي  الصباح  (نوفمبر 2004) و الأحداث المغربية (ع 2122؛ 17 نوفمبر 2004)، ثم أعيد نشره محيـّنا بصيغ ذات اختلافات طفيفة في كل من صوت الناس، ع: 91 (28 مارس 2006)  والنهار المغربية، بعددي 571-574 (01-05 أبريل 2006)؛ و"الصحراء المغربية" (2010)؛ وهو الآن مشهر بموقع في إحدى صيغه بموقعي الفرعي من الحوار المتمدن منذ 2007 (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=106362 وكذلك في مدونتي OrBinah على إثر نازلة مصطفى سلمى ولد سيدي مولود؛ انظر: https://orbinah.blog4ever.com/blog/lire-article-162080-1926453-_en_arabe__1_mostapha_ould_sidi_mouloud_et_la_nouv.html



18/04/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 343 autres membres